تغيرالمناخالعالمي والطاقة

تغير المناخ العالمي والطاقة

هل يتغير المناخ العالمي؟ هل يصبح العالم أكثر دفئًا؟

إذا نظرت إلى الرسم البياني التالي عن تغيرات درجة الحرارة على كوكب الأرض على مدى المائة والخمسين عامًا الماضية، فستكون الإجابة حتمًا بنعم. ولكن ماذا لو نظرنا إلى 1000 عام أو 100000 عام مضت أو أكثر؟ ولماذا يجب عليك أن تشعر بالقلق إن كان العالم حقًا في اتجاهه إلى يصبح أكثر دفئًا؟

إن الموضوع بأكمله معقد للغاية. لذا نقدم في هذا القسم الجديد على موقعنا على شبكة الإنترنت، مجموعة فريدة من المقالات العلمية التي ستساعدك، على التعلم، والتأمل، وصياغة أفكارك بشأن المناخ المتغير، وما الذي يعنيه ذلك الأمر.

ونحن ندعوك إلى أن تبادر باستقصاء الحقائق، والمفاهيم، والنظريات بنفسك. قم بدراسة الرسوم البيانية، ونماذج المحاكاة، والرسوم المتحركة، بتمهل حتى تستطيع أن تصل إلى فهم أفضل لما تعنيه زيادة درجة الحرارة على كوكب الأرض وما الذي يمكن عمله.

ونأمل أن تنضم إلينا في هذه المهمة الهامة التي تهدف إلى التعلم، والتفهم، والعمل!

ما الذي نعرفه عن مناخ الأرض في الماضي؟
هيا نبدأ بدراسة تاريخ درجات الحرارة العالمية…

هل يتغير المناخ العالمي؟ هل يصبح العالم أكثر دفئًا؟

نعم. ولكن، لنلقِ نظرة قريبة على معنى ذلك. ويمكننا أن نبدأ من العام 1856 إلى الوقت الحاضر. فنحن نمتلك سجلات جيدة عن درجات الحرارة العالمية لتلك الفترة الأخيرة. حيث كانت تقاس درجات الحرارة بدقة في عدة مواقع حول العالم.

وكانت هناك تذبذبات حادة من عام إلى آخر. ففي خلال بعض الفترات، كما في أربعينيات القرن الماضي، حدث هبوط في درجات الحرارة العالمية، ولكن الاتجاه الإجمالي كان في صعود، إذا ما نظرنا إلى القرن ونصف القرن الماضي.

ماذا لو تحرينا فترةً أطول من الزمن، الألف العام الماضية، على سبيل المثال؟ يشكل هذا الأمر مشكلة نظرًا لعدم الاحتفاظ بسجلات دقيقة لدرجات الحرارة قبل منتصف القرن التاسع عشر. إلا أنه، تتوفر طرق لتقدير درجة الحرارة باستخدام معلومات أخرى مثل حجم حلقات النمو في الأشجار، وتركيب الجليد المأخوذ من القارة القطبية الجنوبية، وجرينلند. وتدعى السجلات المستخدمة في هذه القياسات غير المباشرة لدرجات الحرارة "البيانات البديلة" تعرف على المزيد حول كيفية تقدير درجات الحرارة باستخدام

كيف يمكننا معرفة ماذا كانت عليه درجات الحرارة على سطح الأرض منذ آلاف أو ملايين السنين الماضية؟

بدأ تسجيل القياسات الموثوقة لدرجات الحرارة العالمية في عام 1856، عندما بدأت الجمعية البريطانية للأرصاد الجوية في جمع السجلات من جميع أنحاء العالم. أما الأحوال المناخية قبل ذلك التاريخ، فيمكن تقديرها من واقع سجلات تاريخية أقل موثوقية. كما يمكن أيضًا تقدير تلك الأحوال من مجموعة متنوعة من السجلات البيئية الطبيعية التي ربما تعود إلى ما قبل وجود الإنسان. ويطلق على مثل تلك المعلومات "البيانات البديلة"، نظرًا لأنها تحل محل، أو تمثل بديلاً، للبيانات الفعلية التي نسعى للحصول عليها.

ومن بين أشكال البيانات البديلة: الدليل الذي تمثله حلقات النمو في الأشجار.

الأدلة المستمدة من البيانات التاريخية

من الممكن أن تزودنا سجلات المزارعين، ومذكرات الرحالة، والصحف الإخبارية، وغيرها من السجلات المكتوبة، بمعلومات عن المناخ في الماضي. فطول الموسم الزراعي يتغير في موقع ما تبعًا لدرجات الحرارة. فستتأخر الزراعة، في عام بارد، مع تأخر قدوم الربيع. أما إذا جاء الخريف مبكرًا، فكذلك الحصاد. ونحن نمتلك، في عصرنا الحديث، سجلات دقيقة لدرجات الحرارة إضافة إلى سجلات عن طول الموسم الزراعي. وطالما تتوفر لدينا المعرفة بعلاقة كل عامل منهما بالآخر، فيمكننا في هذه الحالة إعادة بناء البيانات التاريخية الناقصة عن درجات الحرارة من واقع ما عرفنا عن أوقات الزراعة والحصاد. على سبيل المثال، استخدمت مواعيد حصاد العنب التاريخية في إعادة بناء بيانات درجات الحرارة في صيف باريس، بفرنسا في الفترة من عام 1370-1879. إلا أن تلك الطريقة ليست مثالية، ولكنها، مع استخدام قياسات غير مباشرة، يمكنها أن تسمح بإعادة بناء معقولة للمناخ على مدى فترة طويلة من الزمن.

حلقات الأشجار

تنتج العديد من الأشجار حلقة واحدة كل عام، وذلك نظرًا للنمو السريع في الربيع والصيف، والنمو البطيء في الخريف والشتاء. وعندما يكون العام أكثر دفئًا تكون الحلقة أعرض. ويمكن استخدام أنماط العرض، وكثافة الخشب، والتركيب النظائري للهيدروجين والأكسجين لحلقات الأشجار لتقدير درجات الحرارة.

تكون بعض أنواع المرجان حلقات سنوية من كربونات الكالسيوم أثناء نموها. وكما هو الحال مع حلقات الأشجار، يمكن استخدامها لتقدير درجات الحرارة.

نُشرت الصورة بإذن من NOAA.

الأدلة المستمدة من المرجان

يمتلك المرجان هياكل صلبة من كربونات الكالسيوم (CaCO3). كما تكوِّن بعض أنواع المرجان حلقات سنوية من كربونات الكالسيوم أثناء نموها. وكما هو الحال مع حلقات الأشجار، يمكن أن تستخدم لتقدير درجات الحرارة. عندما تكون درجة حرارة البحر دافئة سينمو المرجان أسرع مما لو كانت درجة الحرارة باردة، ولذا ففي السنوات الدافئة ستكون حلقات النمو أعرض، وفي السنوات الباردة ستكون الحلقات رفيعة. ويمكن استخدام نظائر الأكسجين الموجود في كربونات الكالسيوم في تقدير درجة حرارة المياه أثناء نمو المرجان.

الأدلة المستمدة من عينات الجليد الجوفية

يتكون الجليد الدائم الذي يغطي الجبال العالية، والقلنسوة القطبية الجليدية، من تراكم الثلج الساقط عليها على مدى مئات وآلاف السنين. وقد تم حفر تجاويف عميقة في ألواح جليدية متعددة الثخانات في جميع أنحاء العالم. وأخذت عينة جليد جوفية في محطة فوستوك بالمنطقة القطبية الجنوبية. وكان طولها 2083 متر، وأحضرت على أجزاء بين عامي 1970 إلى 1974 وعامي 1982 إلى 1983. وتتيح لنا عينة الجليد الجوفية المستخرجة من فوستوك أن نلقي نظرة على الماضي. فالجليد الموجود في قاعدة العينة الجوفية يبلغ عمره 500 عام تقريبًا.

ويتكون هذا الجليد، كما هو الحال مع الماء والجليد كافة، من الهيدروجين والأكسجين. كما توجد به كميات صغيرة من شكل خاص ثقيل من الهيدروجين يدعى الدوتيريوم. وقد لاحظ العلماء وجود علاقة بين درجة الحرارة المحلية وتركيز الدوتيريوم في الجليد الذي تم جمعه خلال الفترات التي كانت درجة الحرارة معلومة فيها أيضًا. ولا يوجد ما يدعو إلى اعتقاد حدوث تغير في تلك العلاقة بمرور الزمن، لذا يمكن استخدام مستويات الدوتيريوم الموجود في الجليد القديم لإعادة بناء المناخ في الماضي. كما يحتوي الجليد أيضًا على الرماد، والذي يكوِّن في بعض الأحيان طبقات تشير إلى حدوث ثورات بركانية كبرى نشرت الرماد في جميع أنحاء كوكب الأرض. كما تحتوي عينات الجليد الجوفية على فقاعات صغيرة من الهواء القديم، والذي يمكن تحليله لاكتشاف تركيزات الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون.

يقوم العلماء بالحفر في المرجان
لاستخراج عينة جوفية. ثم
تغلف بعناية
وترسل للمختبر
لتحليلها.

إخراج عينة جليد جوفية من المثقب.

توضع بطاقات تعريفية على قطاعات عينات الجليد الجوفية وتحفظ في درجة حرارة -15 درجة مئوية.

الأدلة المستمدة من ثفالات المحيطات والبحيرات

تقوم الأنهار باستمرار بدفع الطين والرمال من الأرض إلى البحيرات، والبحار، والمحيطات، حيث تترسب مكونة طبقات من الثفالة. ومن الممكن أن تسفر العينات الجوفية المأخوذة من تلك الثفالات عن حفريات صغيرة ومواد كيماوية، كما يمكن أن تساعد على استجلاء المناخ في الماضي. وتعد حبوب اللقاح ذات فائدة خاصة. حيث إنها متينة للغاية، ولذا كثيرًا ما توجد محفوظة حفظًا جيدًا في طبقات الثفالة. وينتج كل نوع من النبات حبوب لقاح ذات أشكال مختلفة. وبتحليل حبوب اللقاح، يمكن الكشف عن أنواع النباتات التي كانت تنمو في الجوار، ومن ثم تكون مؤشرًا على حالة المناخ.

كيف يمكننا معرفة كم كانت درجات الحرارة على سطح الأرض منذ آلاف أو ملايين السنين الماضية في الوقت الذي لم تكن تتوفر به مقاييس للحرارة؟
يمكننا تقدير درجة الحرارة بوسائل أخرى. فالأشجار، والمرجان، وعينات الجليد الجوفية، من جرينلند والمنطقة القطبية الجنوبية تزودنا بالأدلة. تعلم كيف يمكننا استكمال الأجزاء الناقصة بالاستفادة من تلك البيانات البديلة…

الاحتباس الحراري

ما هو "الاحتباس الحراري"؟

يسمح البيت الزجاجي بمرور ضوء الشمس خلال سقفه وحوائطه الزجاجية. تسخن طاقة الشمس النباتات وغيرها من الأشياء الصلبة داخل البيت الزجاجي. وتلك بدورها، تسخن الهواء. وتحدث نفس تلك العملية في الخارج أيضًا، إلا أن الهواء المسخن يرتفع ويستبدل به هواء أبرد. ونظرًا لأن البيت الزجاجي مكان مغلق، لا يستطيع الهواء المسخن الإفلات. ومن ثم تزداد السخونة في الداخل.

وتحدث عملية شبيهة بذلك إلى حد ما مع الغلاف الجوي للأرض. حيث يمر ضوء الشمس خلال الغلاف الجوي الشفاف ويؤدي إلى تسخين الأرض والبحار. ويصبح الغلاف الجوي السفلي ساخنًا نتيجة لملامسته للأرض والمحيطات الساخنة. أما الهواء ذاته فلا تسخنه الشمس.

تُشع بعض الحرارة التي تصدرها الأرض مرة أخرى في الفضاء. ولو كان الأمر مقتصرًا على ذلك فقط، لكان متوسط درجة حرارة الأرض -18 درجة مئوية، أي أكثر برودة بمقدار 33 درجة مئوية عما هو عليه الحال الآن. بل إن ذلك يعد أكثر برودة مما كان عليه الحال في أعماق العصور الجليدية.

إذن لماذا لا نعيش حاليًا في صقيع شديد؟ يرجع ذلك إلى وجود "غازات الاحتباس الحراري" – ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وبخار الماء، وغيرها – التي تحافظ على دفئنا. ويحدث ذلك كما يلي:

انقر لمشاهدة الرسم المتحرك.

الاحتباس الحراري

يمتص ثاني أكسيد الكربون (CO2) الطاقة المشعة من الأرض ويطلقها مرة أخرى في الغلاف الجوي.

تمتص جزيئات غازات الاحتباس الحراري بعض الحرارة. ثم تطلقها مرة أخرى بعد ذلك في الغلاف الجوي، مما يجعل المناخ أكثر دفئًا مما كان يمكن أن يكون عليه.

فالاحتباس الحراري ليس مشكلة في ذاته. بل في الحقيقة، يُعد ضروريًا للحياة على الأرض كما نعرفها. ولكن منذ أواخر الثمانينات، كانت هناك زيادة مرتفعة في مستويات ثانيأكسيدالكربون. على مدى مئات الآلاف من السنين كان هناك توافق وثيق بين ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وبين متوسط درجة الحرارة على كوكب الأرض.

تأمل جيدًا الطرف الأيمن من الرسم البياني التالي. فقد زاد مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي زيادة مفاجئة. فقد زاد تدريجيًا منذ نهاية العصر الجليدي الأخير قبل 12022 عام حتى وصل إلى 280 جزء في المليون في ثمانينيات القرن التاسع عشر. ويمثل هذا الطرف الأعلى لهذا النطاق التاريخي، ولكن يتسق مع النمط الذي تم الكشف عنه عند تحليل عينات الجليد الجوفية التي أخذت من المنطقة القطبية الجنوبية. وفي الحقيقة، استطاعت الأبحاث الحديثة التي أجريت على مثل تلك العينات الجوفية أن تعود بالسجل إلى الوراء أكثر مما يظهره الرسم البياني السابق. فخلال 600000 عام مضت، لم يتجاوز تركيز ثاني أكسيد الكربون مقدار 300 جزء في المليون…حتى وقتنا الراهن. ففي عام 2022، وصل إلى 379 جزء في المليون.

ما الذي يحدد درجات الحرارة العالمية؟
تقوم الشمس بتسخين الأرض. ولكن لو انتهى الأمر عند هذا الحد لكان العالم باردًا للغاية. ولكن الاحتباس الحراري يساعد على الحفاظ على درجة حرارة مريحة على سطح الأرض.

إذن، لماذا تتغير درجات الحرارة العالمية؟
ينتقل ثاني أكسيد الكربون باستمرار من وإلى الغلاف الجوي في عملية تعرف باسم دورة الكربون.

وهناك ارتباط وثيق بين مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وبين درجات الحرارة العالمية.

وهل هناك عوامل أخرى تؤثر على درجات الحرارة العالمية؟
وضع العالم الفلكي ميلوتين ميلانكوفيتش نظرية مفادها أن تغير العلاقة بين الأرض والشمس يؤثر على مناخ الأرض.

ما دور البشر في ذلك الأمر؟
منذ بداية الثورة الصناعية، يؤثر الإنسان على دورة الكربون.

دورة الكربون

يصل الكربون باستمرار إلى الغلاف الجوي على هيئة ثاني أكسيد كربون، أو ميثان، أو غيرهما من الغازات. وفي الوقت نفسه، تقوم النباتات الخضراء، والمحيطات بإزالته، بالإضافة إلى وسائل أخرى. وتلك هي دورة الكربون. ويعتبر التوازن في تلك الدورة أمرًا حاسم الأهمية في تحديد مناخ الأرض.

يعد الكربون مكونًا أساسيًا في أجسامنا، وفي الطعام الذي نأكله، والملابس التي نرتديها، ومعظم أنواع الوقود الذي نحرقه، والعديد من المواد الأخرى التي نستعملها. وتحتوي أكثر من 90% من المركبات الكيماوية المعروفة على الكربون. وليس هذا مستغربًا نظرًا لسهولة اتحاد الكربون مع مثيله ومع العناصر الأخرى.

ويتواجد معظم الكربون على كوكب الأرض في صورة مركبات في الثفالات والصخور الرسوبية. ويتواجد بنسبة أقل نسبيًا في الغلاف الجوي.
——————————————————————————–

بلايين الأطنان
الثفالة تحت المائية والصخور الرسوبية 80,000,000

مياه المحيط، والأصداف، والكائنات الحية 40,000

الوقود الأحفوري (النفط، والغاز، والفحم الحجري) 4,000

المواد العضوية في التربة 1,500

الغلاف الجوي 825

النباتات البرية 580
——————————————————————————–

تُعتبر ذرات الكربون في حالة تبادل مستمر فيما بين الكائنات الحية والميتة، والغلاف الجوي، والمحيطات، والصخور، والتربة. ومع كل نَفَس خارج، نطلق ثاني أكسيد الكربون من رئتينا إلى الغلاف الجوي، والذي يحتوي على ذرات الكربون الموجودة في النباتات والحيوانات التي نتغذى عليها. وربما كانت ذرات الكربون الموجودة في أجسامنا اليوم كانت تنتمي فيما مضى إلى العديد من النباتات والحيوانات المختلفة – لعل من بينها الديناصورات وغيرها من المخلوقات المنقرضة.

لقد تغير توزيع الكربون فيما بين الغلاف الجوي، والكائنات الحية، واليابسة، والمحيطات، على مر الزمن. فمنذ 550 مليون سنة تقريبًا كان تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 7000 جزء في المليون – وهو ما يمثل أكثر من 18 ضعفًا لما هو عليه اليوم. ولكن، أين ذهب كل هذا الكربون الذي كان موجودًا في الغلاف الجوي؟ لقد تحول في معظمه إلى صخور رسوبية مثل الحجر الجيري. وتعتبر كيفية حدوث ذلك جزءًا من القصة الأكبر لدورة الكربون.

حيث تُعد دورة الكربون مزيجًا من عمليات بيولوجية، وكيميائية، وفيزيائية، تعمل على نقل الكربون من مكان إلى مكان.

يعتبر النموذج المسمى "المخزون والتدفق" أداةً مفيدةً لفهم كيفية عمل دورة الكربون. تخيل حوض استحمام مملوءًا جزئيًا بالماء. يسمى هذا الماء المخزون. إذا فتحت الصنبور فسوف يكون هناك تدفق للماء داخل الحوض يعمل على زيادة المخزون. إذا فتحت المصرف فإن الدفق الخارج سيؤدي إلى إنقاص المخزون. ويمكننا اعتبار كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوى مخزونًا. أما العمليات المختلفة التي تضيف إلى المخزون أو تُنقِص منه، فتمثل التدفقات

حيث أدت تدخلات الإنسان إلى زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوى له في مئات الآلاف من السنين. لاحظ جيدًا الطرف الأيمن من الرسم البياني التالي.

إذن فما هي المشكلة؟ هل تُعتبر زيادة درجة الحرارة على كوكب الأرض أمرًا سيئًا؟
من شأن زيادة درجة الحرارة على كوكب الأرض أن يكون لها أثر رئيسي على طريقة حياتنا. سوف ترتفع مستويات البحار محدثة فياضانات في المناطق الساحلية المزدحمة بالسكان. وسوف تزداد العواصف الاستوائية شدة. وستصبح المناطق الزراعية التي تعاني بالفعل من الجدب أكثر جفافًا.

وبعد أن تيقنا من وجود مشكلة، لماذا لا نقوم بعمل أي شيء بشأنها؟
قد يساعد نمط السلوك المعروف بـ المأساة المشتركة في إيضاح السبب الذي يجعلنا نسمح بالاستمرار في زيادة درجة الحرارة على كوكب الأرض.

ما الذي يمكننا عمله؟
لقد فات الآوان لمنع الزيادة المستمرة في درجة الحرارة على كوكب الأرض. سوف تتسبب مستويات ثاني أكسيد الكربون الموجودة حاليًا في الغلاف الجوي في الارتفاع المتزايد في درجة الحرارة على كوكب الأرض. إلا إننا يمكننا تثبيت الموقف على المدى الطويل وتحسينه من خلال عدة وسائل:

تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون باستخدام الطاقة بأسلوب أكثر كفاءة
استخدام مصادر طاقة بديلة لا تصدر انبعاثات لثاني أكسيد الكربون – الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الحرارة الأرضية، والطاقة الكهرومائية.
عندما نقوم بحرق الوقود الأحفوري يمكننا احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج، بدلاً من تركه يتصاعد في الغلاف الجوي.

ثاني أكسيد الكربون وتغير درجات الحرارة

ما السبب وراء تغير مناخ الأرض؟

يرتبط مستوى ثاني أكسيد الكربون في الجو ارتباطًا وثيقًاَ بدرجات الحرارة على كوكب الأرض.

تركيز ثاني أكسيد الكربون

يعتبر ثاني أكسيد الكربون (CO2) من "غازات الاحتباس الحراري". حيث يمتص الطاقة من الشمس ويطلقها مرةً أخرى في الجو. ومن شأن هذا "الاحتباس الحراري" أن يجعل الأرض أكثر دفئًا مما لو لم تحدث تلك العملية.

وعلى مدى الفترة الماضية التي بلغ طولها 425000 عام، تراوح تركيز ثاني أكسيد الكربون بين 180 و280 جزء في المليون (ppm). وعندما بلغ التركيز ذروته كان العالم أكثر دفئًا. حيث إن عينات الجليد الجوفية المأخوذة من المنطقة القطبية الجنوبية التي قدمت إلينا الدليل على درجات الحرارة في قديم الزمان، كانت تحتوي أيضًا على فقاعات هواء بالغة الصغر ظلت حبيسة في الثلج المتراكم. وقد حللت تلك الفقاعات، وزودتنا بسجل لتركيز ثاني أكسيد الكربون على مر الزمن. ولوحظ وجود توافق وثيق بين متوسط درجات الحرارة على كوكب الأرض، وتركيز ثاني أكسيد الكربون.

الاحتباس الحراري

يمتص ثاني أكسيد الكربون (CO2) الطاقة من الشمس ويطلقها مرة أخرى في الغلاف الجوي.

هل التغير في تركيز ثاني أكسيد الكربون هو الذي يتسبب في تغيرات درجة الحرارة أم العكس؟ كلاهما.

حيث يُعد انخفاض درجة الحرارة سببًا رئيسيًا في نقص ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، نظرًا لأن المحيطات الباردة تكون قادرة على إذابة المزيد من ثاني أكسيد الكربون. وهناك تبادل مستمر لثاني أكسيد الكربون بين الغلاف الجوي والمحيطات. حيث يُذاب الغاز ويُطلّق أيضًا في الغلاف الجوي. ويتحدد التوازن بصورة كبيرة بدرجة الحرارة. ويمكنك أن تلاحظ هذا الأثر بنفسك. افتح زجاجة مياه غازية أو صودا. صب بعضًا منها في كوبين. ضع واحدة في الثلاجة واترك الأخرى في درجة حرارة الغرفة. عُدْ مرة أخرى بعد ساعة واشرب قليلاً من كل كوب. ستجد أن الكوب المحفوظ في الثلاجة احتفظ بكمية أكبر من الفقاعات. وتشكل التذبذبات في مستوى ثاني أكسيد الكربون في الجو جزءًا من دورة الكربون، التي تعد عملية معقدة ينتقل فيها الكربون فيما بين الغلاف الجوي، والكائنات البيولوجية، والقشرة الأرضية، والمحيطات.

ولا تبدأ الانخفاضات في تركيز ثاني أكسيد الكربون أبدًا إلا بعد أن تبدأ فترة البرودة. علاوة على ذلك، عندما يوشك العصر الجليدي على الانتهاء، قد تبقى التركيزات منخفضة لبعض الوقت في فترة الدفء. ويعني ذلك أن تغيرات ثاني أكسيد الكربون لا يمكن أن تكون القوة الدافعة البادئة لتلك التحولات الكبرى في المناخ. ولكن ما إن يصبح المناخ باردًا، ينخفض تركيز ثاني أكسيد الكربون مما يزيد من تأثير البرودة. وعندما يصبح المناخ دافئًا، يتم إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يزيد من درجات الحرارة على كوكب الأرض. ويطلق على تلك العملية حلقة تغذية ارتجاعية إيجابية.

الشمس وتغير درجة الحرارة على الأرض

العالم الفلكي ميلوتين ميلانكوفيتش

نُشرت الصورة بإذن من NOAA.

ما السبب وراء تغير مناخ الأرض؟

يُعتبر تغير المناخ أمرًا معقدًا – حيث تكتنفه العديد من العوامل الديناميكية. ولعل من بين العوامل الرئيسية العلاقة بين الأرض والشمس.

قام العالم الفلكي ميلوتين ميلانكوفيتش (1879 – 1958) بدراسة التغيرات في شكل مدار الأرض حول الشمس وميل محور الأرض. ومن ثم وضع نظرية مفادها أن تلك التغيرات الدورية والتفاعلات التي تحدث فيما بينها، تُعد مسؤولة عن التغيرات طويلة الأجل في المناخ.

وقد درس ميلانكوفيتش ثلاثة عوامل:

1. التغيرات في ميل محور الأرض؛

2. التغيرات في شكل مدار الأرض حول الشمس؛ و

3. الحركة البدارية: التغيرات في كيفية توجه المحور بالنسبة للمدار.


ميل الأرض

إذا لم تكن الأرض مائلة، فلن يكون هناك فصول، ولكان النهار والليل بنفس الطول طوال العام. ولكانت كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى أي موقع على الأرض ثابتة طوال العام. ولكن الأرض تميل بزاوية مقدارها 23.5 درجة. وعندما يأتي الصيف في نصف الكرة الشمالي، بداية من شهر حزيران/يونيو، تتلقى خطوط العرض الشمالية كمية أكبر من ضوء الشمس مقارنة بنصف الكرة الجنوبي. ويكون النهار أطول وزاوية الشمس أعلى. وفي الوقت نفسه، يكون نصف الكرة الجنوبي في فصل الشتاء. حيث يكون النهار أقصر وزاوية الشمس أدنى.

لا يتعامد محور الأرض على مستوى مدارها. ولكنه يميل بزاوية مقدارها 23.5 درجة. ويؤدي ذلك إلى حصول نصف الكرة الشمالي على ضوء شمس أكثر مباشرة، وأن يحظى بساعات أكثر من ضوء النهار في شهر حزيران/يونيو، بينما يحظى بضوء شمس أقل مباشرة وساعات أقل من ضوء النهار في كانون الأول/ديسمبر. ويعزى إلى ذلك الأمر تغير الفصول. وفي نصف الكرة الجنوبي تنعكس الفصول.

بعد مرور نصف عام، تحركت الأرض إلى الجانب الآخر من مدارها حول الشمس. ولكنها تبقى مائلة في نفس الاتجاه. ومن ثم يصبح نصف الكرة الجنوبي عندئذ في فصل الصيف، حيث يكون النهار أطول ويكون ضوء الشمس أكثر مباشرة. بينما يكون الشتاء قد حل في نصف الكرة الشمالي.

إلا أن ميلانكوفيتش يرى في نظريته أن ميل محور الأرض لا يبقى دائمًا عند 23.5 درجة. فهناك بعض التذبذب بمرور الوقت. ووفقًا لحساباته، يتغير ذلك الميل ما بين 22.1 و24.5 درجة ضمن دورة يبلغ طولها قرابة 41000 عام. فعندما يقل الميل يصبح الصيف أكثر برودة والشتاء أكثر اعتدالاً. وعندما يزيد الميل تصبح الفصول أكثر شدة.

كيف يؤثر ذلك على المناخ ككل؟ على الرغم من أن فصول الشتاء قد تكون أكثر اعتدالاً، إلا أنها تظل باردة إلى الحد الكافي لسقوط الثلج في المناطق البعيدة عن خط الاستواء. وعندما تكون فصول الصيف أكثر برودة، فمن الممكن ألا تذوب ثلوج الشتاء في خطوط العرض البعيدة عن خط الاستواء بسهولة. وستتراكم الثلوج عامًا بعد عام مكونة أنهارًا جليدية.

وتعكس الثلوج كمية أكبر من طاقة الشمس في الفضاء، مقارنة بالماء واليابسة، مما يؤدي إلى مزيد من البرودة. وعند هذه النقطة، يتم تفعيل دور آلية تغذية ارتجاعية إيجابية. حيث يؤدي الانخفاض في درجة الحرارة إلى زيادة تراكم الثلوج ونمو الأنهار الجليدية. ويؤدي ذلك إلى زيادة الانعكاس، ومن ثم مزيدًا من الانخفاض في درجة الحرارة، وهلم جرًا. وربما يبين ذلك كيفية بداية العصور الجليدية.

شكل مدار الأرض حول الشمس
كان شكل مدار الأرض حول الشمس ثاني العوامل التي قام ميلانكوفيتش بدراستها. فالمدار ليس تام الاستدارة. فالأرض تكون أقرب إلى الشمس في بعض أوقات العام عنها في أوقات أخرى. وتتلقى الأرض كمية أكبر بعض الشيء من طاقة الشمس عندما يكون كل من الأرض والشمس أقرب ما يكون (الحضيض) مقارنة بكمية الطاقة عندما يكونا أبعد ما يكون (الأوج).

ولكن شكل مدار الأرض يتغير أيضًا في دورات تبلغ ما بين 90000 إلى 100000 عام. فهناك أوقات يكون فيها بيضي الشكل أكثر مما هو عليه الآن، ومن ثم يكون الفرق في الإشعاع الشمسي المتلقى عند الحضيض والأوج أكبر.

وفي الوقت الراهن، يحدث الحضيض في شهر كانون الثاني/يناير والأوج في شهر تموز/يوليو. ويساعد ذلك على جعل الفصول في نصف الكرة الشمالي أقل شدة بمقدار ضئيل، نظرًا للتأثير المدفئ الإضافي في الشتاء. بينما تكون الفصول في نصف الكرة الجنوبي أكثر شدة بعض الشيء مما لو كان مدار الأرض حول الشمس دائريًا.

الحركة البدارية

ولكن يوجد تعقيد آخر. حيث يتغير توجه ميل محور الأرض بمرور الزمن. ويتحرك المحور في دائرة، مثل لعبة الدوامة الدوارة التي تتباطأ سرعتها. وتسمى تلك الحركة الحركة البدارية. وتحدث في دورة طولها 22022 عام. ويؤدي ذلك إلى تبدل الفصول ببطء على مدار العام. فمنذ 11000 عام مضت كان نصف الكرة الشمالي مائلاً ناحية الشمس في كانون الأول/ديسمبر وليس في حزيران/يونيو. أي أن الشتاء والصيف كانا معكوسين. وسيتبدلان مرةً أخرى بعد 11000 عام من الآن.

تلك العوامل الثلاثة – الميل، والشكل المداري، والحركة البدارية – تتحد لتصنع التغيرات في المناخ. ونظرًا لأن تلك الديناميكيات تقوم بعملها في مقاييس زمنية مختلفة مما يجعل تفاعلها البيني معقدًا. ففي بعض الأحيان تتضافر آثارها، وفي أحيان أخرى تميل إلى أن تلغي كل منها أثر الآخر. على سبيل المثال، منذ 11000 عام من الآن، عندما تسببت الحركة البدارية في بداية صيف نصف الكرة الشمالي في ديسمبر، كان تأثير زيادة الإشعاع الشمسي عند الحضيض في يناير ونقصها عند الأوج في تموز/يوليو يؤدي إلى تضخيم الفروق بين الفصول في نصف الكرة الشمالي بدلاً من تلطيفها كما هو الحال اليوم. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة كذلك، نظرًا لأن مواعيد الحضيض والأوج تتبدل أيضًا.


ماشالله مشرفتنا الزاوية موضوع بالصور رائعين

وانا بسمع عن هدا الشيء كثير تغير المناخ


بسم الله الرحمن الرحيم
من اعمق قلبي أشكرك على إطلاعك على هذا الموضوع المهم وردك المشجع


جزااااكم الله خير وبارك الله فيكم
ورزقكم بالذرية الصالحة
ودمتم بسعادة دائمة
:
.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top